إن منظومة الإرث المعمول بها باتت متجاوزة اجتماعيا اعتبارا للدور المحوري الذي صارت تلعبه الأنثى داخل الأسرة (16.9% من الأسر، أي 1.5 مليون أسرة مسيرة من طرف الإناث، حسب تقرير 2022 للمندوبية السامية للتخطيط. فضلا عن تغير القيم الاجتماعية بما فيها قيمة العدل. الأمر الذي فرض على كثير من الأسر أن توزع أموالها/ممتلكاتها على أبنائها وبناتها بما تراه عدلا، وهو المساواة. كما تلجأ الأسر التي لم تنجب غير الإناث إلى صيغة البيع حتى لا تترك فرصة للعصبة ليستحوذوا على جزء من التركة لم يساهموا في مراكمته، أو ربما أن صلة الرحم مقطوعة بينهم. فمسألة التعصيب لم ترد في القرآن وإنما هي من اجتهاد الفقهاء أملته الظروف الاجتماعية في سياق تاريخي كانت الإناث لا تشتغلن خارج البيوت، بينما كان الذكور يتولون الإنفاق عليهن. إن الزمن تغير وتغيرت معه الظروف الاجتماعية، حيث صارت الأنثى لا تعيل نفسها فقط، ولكن تعيل أسرتها بمن فيهم الذكور. وليس من العدل إطلاقا أن تساهم الزوجة والبنات في مراكمة ممتلكات الأسرة، مهما كانت متواضعة، ثم يأتي الأعمام أو الأخوال أو أبناؤهم ليأخذوا نصف التركة عند وجود بنت واحدة أو ثلثها في حالة وجود أكثر من بنت. نفس الأمر يُطرح عند وجود الأبناء ذكورا وإناثا، حيث تشتغل الإناث فيما الذكور يتابعون دراستهم أو عاطلون عن العمل، وعند وفاة الأبوين يطالب الذكور بـ”حظ الأنثيين”. إن غاية الشريعة هي العدل، ومتى اختل ميزانه وجب تعديله ومراجعته تحقيقا لمقصد الشريعة. ولا يمكن أن يتحقق هذا إلا بمراعاة السياق الاجتماعي وقيم العصر والزمن الذي يوجد فيه المجتمع . سعيد لكحل.