4ـ اعتماد الوصية في تقسيم التركة:
إن الله تعالى جعل الوصية مقدَّمة على الميراث، وخصّ بها الوالدين والأقربين، أي الأولاد ذكورا وإناثا (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)[البقرة]. لكن قانون الإرث المعمول به يعطي للورثة الحق في رفض الوصية أو الطعن فيها لصالح أحد الورثة كما هو منصوص عليه في مواد مدونة الأسرة: 280 (لا وصية لوارث إلا إذا أجازها بقية الورثة)، المادة 283 (يشترك في الموصى له أن لا تكون له صفة الوارث وقت موت الموصي)؛ ثم المادة 303 (إذا أجاز الورثة الوصية لوارث أو بأكثر من الثلث، بعد موت الموصي أو في مرضه المخوف المتصل بموته، أو استأذنهم فيه فأذنوه، لزم ذلك لمن كامل الأهلية منهم). فالعمل بالوصية تنفيذا للأمر الإلهي يقتضي حمايتها من كل الطعون أمام القضاء حفظا على حقوق الموصى لهم شريطة أن لا تكون الوصية وسيلة لتكريس العنف والتمييز بين الذكور والإناث.
تجدر الإشارة إلى أن قانون الإرث في مجمله هو قانون “وضْعي” أي من وضع الفقهاء. فكما أحدثوا نظام التعصيب وهو لا أصل له في القرآن الكريم أحدثوا “الوصية الواجبة” التي تمنح لأبناء الابن وبناته ما كان سيرثه من جدهم، كما هو منصوص عليها في المادتين 369 و 370 من مدونة الأسرة كالتالي:
المادة 369 تنص على أنه: “من توفى وله أولاد ابن أو أولاد بنت، ومات الابن أو البنت قبله أو معه أعطى أحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بالمقدار والشروط اللازمة.”
المادة 370 تنص على أن “الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بقيمة حصتهم مما يرثه أبوهم أو أمهم عن أصله المتوفى على فرض وفاة موروثهم، على ألا يتجاوز ذلك ثلث التركة”.
إن الوصية الواجبة أمر مستحدث في الفقه الاسلامي وفي التشريع العربي أو المغربي الخاص بالأحوال الشخصية؛ إذ لم تكن موجودة في القانون المصري قبل سنة 1946 والقانون السوري سنة 1953. وحين أخذ بها قانون الأحوال الشخصية في المغرب، فقد خص بها الذكور دون الإناث وفق ما نصت المادة 266 من المدونة قبل تعديلها سنة 2004 كالتالي ” من توفى وله أولاد ابن وقد مات ذلك الابن قبله أو معه وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بالمقدار والشروط الآتية”. فهذه المادة تحصر الفئة المستفيدة من الوصية الواجبة في أحفاد الابن الذكر المتوفى قبل والده أو والدته ويُحرم أحفاد الجد أو الجدة من ابنتهم المتوفاة في حياتهما. (………….)