مقدمة

لقد أسفر الفيضان الذي أغرق عدة مناطق في ليبيا و الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز بالمغرب عن مآسي حقيقية، إذ خلفا آلاف الضحايا والجرحى ومئات الآلاف دون مأوى. إن مثل هذه الكوارث تذكرنا بهشاشة الحياة، و في هذه الأوقات الصعبة، يجب أن نتحد كأمة ونضمن أن يتم إعادة الإعمار المناطق المتضررة على أسس صلبة وعادلة.

في هذا السياق المؤلم، يعتبر قرار منح التعويضات للمساعدة في إعادة الإعمار بادرة جديرة بالثناء. و حتى تكون هذه المساعدة فعالة حقا و رافعة لمستقبل أفضل، من الضروري ان تستفيد منها النساء على قدم المساواة مع الرجال، حتى يتسنى لهن إعادة بناء سكناهن و مستقبلهن.

1- لماذا المساواة بين المتضررات و المتضررين في التعويضات ضرورية؟

العدالة الاجتماعية: النساء، مثل الرجال، كن ضحايا الزلزال. فقدن منازلهن، أموالهن، وبالنسبة لبعضهن، أسرهن. منح التعويضات الأقل للنساء سيكون ظلمًا وتمييزًا.

التأثيرات الاقتصادية: العديد من النساء يساهمن بنشاط في اقتصاد البلاد، سواء في القطاع المهيكل أو غير المهيكل. التعويض المتساوي سيمكن النساء من التعافي من هول الصدمة ومن الأخذ بزمام المبادرة و سيسهم في استقرارهن و تمكينهن الإقتصادي وانعتاقهن من براثين الفقر و التشرد، مما يضمن إعادة تنشيط الإقتصاد في المناطق المتضررة.

الدور المركزي للنساء في الأسرة: غالبًا ما تلعب النساء دورًا مركزيًا في تربية الأطفال وإدارة المنزل. بدعمهن ماليًا، يتم تعزيز الأسرة ككل، مما يسرع من إعادة بناء التجمعات السكنية المتضررة.

التآزر المجتمعي: المجتمع الذي يتعامل مع جميع أعضائه بالمساواة هو مجتمع قوي. بضمان حقوق متساوية للنساء، ترسل الحكومات المعنية رسالة قوية بالتضامن والوحدة.

تعزيز المساواة بين الجنسين: في مجتمع حديث وتقدمي، يجب أن تكون حقوق المرأة في صميم كل قرار. من خلال ضمان المساواة في التعويضات، تؤكد الحكومات التزامهما بتعزيز المساواة بين النساء والرجال.

2- الأثر الإيجابي للمساواة في التعويض لإعادة البناء:

تعزيز الشعور بالانتماء الوطني: ستشعر النساء بأنهن أكثر قيمة واحترامًا في المجتمع، مما يعزز شعورهن بالانتماء واحترامهن للوطن.

تحفيز الاقتصاد: بحصولهن على الموارد المالية المناسبة، يمكن للنساء الإستثمار في أنشطة تحقق الدخل، مما سيحفز الاقتصاد المحلي.

تحسين ظروف عيش الأطفال: عندما تملك الأمهات مواردًا كافية، يتحسن رفاه وتعليم الأطفال مباشرة.

3- أمثلة عن تفعيل مقاربة النوع في إعادة الإعمار بعد الكوارث

نسرد فيما يلي أمثلة عن كيف تمت، إثر كوارث طبيعية سابقة، معالجة قضية المساواة بين النساء والرجال في التعويضات و إعادة التأهيل:

مشاركة المرأة في عملية اتخاذ القرار: في بعض المجتمعات التي تأثرت بالكوارث، تم تشجيع مشاركة المرأة في عملية اتخاذ القرار حول كيفية توزيع المساعدات والتعويضات. وهذا ضمن حصولهن على صوت متساوي مع الذكور في مرحلة إعادة الإعمار.

توزيع المساعدات بشكل متساوي: في بعض الحالات، خصصت الحكومات أو المنظمات المحلية أو الدولية تعويضات محددة للأسر التي تعرضت للضرر بغض النظر عن جنس الأفراد. وذلك يضمن توزيع المساعدة بشكل متساوي بين النساء والرجال.

برامج تأهيلية موجهة للنساء: في مناطق أصابها الزلزال في نيبال، تم تقديم برامج تكوين مخصصة للنساء لمساعدتهن على إعادة بناء منازلهن وبدء مشاريعهن الخاصة. مد هذا التأهيل النساء بالأدوات الضرورية لإنجاح مشاريعهن، و ساعدهن أيضًا على تعزيز استقلاليتهن الاقتصادية.

الدعم النفسي الموجه للنساء: بعد الكوارث التي أصابت مناطق معينة في الهند، تم إنشاء فرق دعم نفسي مخصصة للنساء، حيث كانت لديهن احتياجات خاصة نتيجة لتأثير الكارثة.

توفيرالحماية : في مناطق أصيبت الكوارث، تم تقديم برامج حماية مخصصة للنساء والأطفال، لضمان أمانهم وحمايتهم من الاستغلال أو العنف.

خلاصة

إن إعادة الإعمار بعد مثل هذه الكوارث هو تحدي ضخم. إنها أيضًا فرصة لبناء وطن أكثر عدلا ومساواة. من خلال ضمان التعويضات المتساوية للجميع، ستخطو الدول المعنية خطوة نحو مستقبل منصف وعادل، فمن أجل أمة قوية ومتحدة وعادلة، يجب أن تكون المساواة في صميم كل أعمالنا. من المهم أن نتذكر أن النساء يمثلن نصف المجتمع ولديهن دور حيوي في عملية إعادة الإعمار. ضمان حصولهن على تعويضات متساوية واستهدافهن بالدعم و الحماية الخاصة هو تفعيل للعدالة و ضمان إعادة تأهيل ناجع للمجتمع بأسره.

0 CommentsClose Comments

Leave a comment